Monday, April 30, 2007

لماذا يكون بعض الناس اكثر جاذبية من غيرهم

ScienceDaily.com
ترجمة: علاء غزالة

يعتقد العلماء انهم قد توصلوا الى حلّ معضلة حيّرت علماء التطور لسنوات طويلة. فاذا كانت الجينات (المورثات) الجيدة تنتشر عبر المجتمع، لماذا يكون الافراد مختلفين الى هذه الدرجة؟
ان الظاهرة التي يطلق عليها التنافس الذكري lek paradox، وهي ظاهرة الانتقاء الجنسي للانواع مثل الانسان والتي ينبغي فيها ان تكون الفروقات الفردية اقل مما هي في الواقع، قد استعملها المؤمنون بنظرية الخلق كحجة على ان نظرية دارون في التطور هي في الحقيقة متصدعة جوهريا.
والمشكلة في نظرية التطور الحالية تكمن في انه اذا كانت الاناث تنتقي الازواج الاكثر جاذبية، فان الجينات المسؤولة عن صفات الجاذبية ينبغي ان تنتشر بسرعة في عموم المجتمع، مما يؤدي الى ان يصبح جميع الذكور متساوين في الجاذبية، الى درجة ان الانتقاء الجنسي لن يعود له وجود.
على كل حال، فان بحثا جديدا اعده الاستاذ ماريون بتري والدكتور جيلبرت روبرتس من جامعة نيوكاسل في انكلترا يقترح ان الانتقاء الجنسي يمكن في الواقع ان يسبب تنوعا جينيا اعظم عن طريق آلية لم تكن مفهومة سابقا. يقترح الاستاذ بتري نظرية تقضي بانه طالما كان التبادل الجيني يمكن ان يقع في أي مكان على خارطة الجينات (المجين genome) فان بعضها سوف تؤثر على عدة اصلاح المادة الوراثية DNA repair kit التي تمتلكها جميع الخلايا. وكنتيجة لذلك فان بعض الافراد تكون فعالية عدة الاصلاح لديهم اقل، مما يؤدي الى تباين اكبر في مادتهم الوراثية حيث لا يتم اصلاح الاضرار فيها.
وعلى الرغم من ان المادة الوراثية غير المستصلحة هي عموما مؤذية –تسبب عدم قدرة الانسجة على التعويض، او انتاج السرطان– فانها مفيدة في بعض اقسام المجين، مثل الاجزاء المسؤولة عن الدفاع ضد الامراض، حيث يساعد التنوع في مقاومة المرض. وقد عُرف لمدة طويلة ان التنوع الاكبر في المادة الوراثية فيما يخص مقاومة المرض يرجح مقاومة هجمات البكتريا والفيروسات لدى الافراد.
وقد بيّن الاستاذ بتري، باستخدام نموذج حاسوبي يرصد تنوع الجينات في مجتمع ما، بيّن ان الميل الى الاختزال في التنوع الجيني الذي يسببه الانتقاء الجنسي، قد تغلبت عليه نزعة الحفاظ على تنوع جيني اعظم والتي تنتجها التبادلات التي تؤثر في اصلاح المادة الوراثية.
يقول الاستاذ بتري، وهو من مجموعة ابحاث التطور والسلوك في كلية العلوم الحياتية بجامعة نيوكاسل: "لقد بدأنا هذه الدراسة قبل عشرة سنوات وقد انتج نموذجنا الان توافقا جيدا مع ملاحظتنا فيما يخص التنوع الجيني، مما يقودنا الى الاعتقاد بان نظريتنا صحيحة. لقد وجدنا ان الانتقاء الجنسي يمكن يشجع تنوعا جينيا على الرغم من التوقعات المعاكسة".
وكان الاستاذ بتري قد اظهر عام 2005 بان الرجال ذوي التباين الجيني الاكبر في مناطق مقاومة المرض على المجين البشري –وهم لذلك اكثر بوضع افضل لنقل صفة مقاومة المرض الى ذريتهم- كانت لديهم عددا من الصفات الجسمانية الظاهرية تجدها النساء جذابة. وقد تضمن البحث اختبار الرجال لجهة تنوعهم الجيني ومن ثم عرض صورهم على النساء، واللائي قمن بوضع علامات لجاذبيتهم. وقد وجد ان هذه العلامات مرتبطة بقوة الى تنوعهم الجيني.

Thursday, April 12, 2007

ارجل اسلاف الانسان كانت قصيرة للمواجهة وليس للتسلق فقط

sciencedaily.com
ترجمة: علاء غزالة

توصلت دراسة اجريت بجامعة يوتا الى ان اسلاف الانسان التي تشبه القردة والمعروفة بـ(اوسترالوبيثس australopiths ) حافظت على ارجل قصيرة لمدة مليوني عام لان وضع بنية الجسم على شكل وضع القرفصاء والوقوف ساعدت الذكور في القتال للظفر بالاناث. يقول ديفيد كارير، استاذ علم الاحياء: "الحجة القديمة تقضي بانها حافظت على ارجل قصيرة لمساعدتها على تسلق الاشجار، وهو لايزال جزءا مهما من عاداتها. لكن حجتي في انها حافظت على الارجل القصيرة لانها ساعدتها في القتال".
وقد حللت الدراسة طول الرجل ومؤشرات العنف لدى تسعة انواع رئيسة، بضمنها الانسان البدائي. يبلغ طول المخلوقات نوع اوسترالوبيثس، وهي السلف المباشر للجنس البشري هومو Homo ، حوالي ثلاثة اقدام وتسعة بوصات ( 110 سم ) للاناث واربعة اقدام وسنة بوصات ( 127 سم ) للذكور. وقد عاشت بين اربعة ملايين الى مليوني سنة مضت.
يقول كارير: "على مدى تلك الفنرة كلها كانت لديها ارجل قصيرة نسبيا، اطول من ارجل الشمبانزي، ولكن اطول من ارجل الانسان الذي جاء بعدها. اذا، فالسؤال هو لماذا حافظ اوسترالوبيثس على ارجل قصيرة لمليوني عام؟ لقد كانت فرضية التسلق هي توضيح مقبول لدى الخبراء في الرئيسات. وهي معقولة من ناحية ميكانيكية. اذا كانت تسير على فرع شجرة يعلو كثيرا عن الارض فان الاستقرارية ستكون مهمة، لانك اذا سقطت وانت بحجم كبير فانك ستموت. الارجل القصيرة تخفض من مركز ثقلك وتجعلك اكثر استقرارا".
لكن كارير يقول ان دراسته تقترح بان الارجل القصيرة ساعدت الاوسترالوبيثس على القتال لان "مع ارجل قصيرة فان مركز الثقل يكون اقرب الى الارض، مما يجعلها اكثر استقرار بما يجعل محاولة زحزحة القدم صعبة للغاية. كما ان الارجل القصيرة تعطي دفعا اكبر في حالة التصارع مع الخصوم".
وبينما يؤكد كارير على ان فرصيته في العنف لا تطرح جانبا احتمالية ان يكون قصر الارجل هو للمساعدة على التسلق لكن "الدليل ضعيف لان الشمبانزي الذي يمتلك ارجلا اقصر نسبة الى جسمه يقضي اقل الوقت على الاشجار، يصح ذلك على ذكور الغوريلا والاورانغاتنز orangutans".
وهو يلاحظ ايضا ان الارجل القصيرة –بدون شك– جعلت من الصعب على الاوسترالوبيثس "ان يغلق الفجوات بين المواقع المحتملة لاسناده حينما يتسلق او يمشي عبر الغابة المغطاة". ومع ذلك فهو يكتب قائلا: "ان هاتين النظريتين في تطور الارجل القصيرة النسبي لدى الحيوانات الرئيسة، نظرية التخصص في التسلق، ونظرية التخصص في العنف، ليستا حصريتين او تقصي احدهما الاخرى. فمن المؤكد ان الانتقاء من اجل اداء افضل في التسلق ربما ينتج عنه تطور شكل الجسم بما يحسن الاداء القتالي، والعكس صحيح".

الارجل القصيرة للقردة العظيمة تقدم الدليل على عدوانية الاوسترالوبيثس
يقول كارير ان جميع القرود المعاصرة –البشر، الشمبانزي، الاورانغاتنز، الغوريلا، البونوبو bonobo – تنخرط في اعمال عدائية على الاقل حينما تتنافس الذكور للحصول على الاناث. وقد شرع كارير في البحث عن علاقة العدوانية بطول الارجل. فقد قارن بين سكان استراليا البدائيون مع ثمانية من الانواع الرئيسة: الغوريلا، والشمبانزي، والبونوبو، والاورنغاتنز، والجيبون الاسود black gibbon، والسيامانغ جيبون siamang gibbon، وبابون الزيتون olive baboon، وقردة شجرة الغوافة الصغيرة dwarf guenon. وقد استخدم كارير البيانات من الشعوب البدائية لانها اقوام طبيعية نسبيا.
ولكل من الاقوام البدائية والحيوانات الرئيسة، استخدم كارير الطرق العملية الرصينة النموذجية للحصول على طول الرجل وبيانات حول ميزيتين فيزيائيتن والتي تم اثبات علاقتها مسبقا مع التنافس الذكري–الذكري والعدوانية لدى الرئيسات، وهما:
فارق الوزن بين الذكور والاناث للنوع الواحد. الدراسات السابقة وجدت ان الذكور يتقاتلون اكثر في الانواع التي تكون نسبة حجم جسم الذكور الى جسم الاناث اكبر.
فارق طول الانياب المجاورة للاسنان القاطعة بين الذكور والاناث، وهي تستخدم للعض اثناء القتال.
استخدم كارير نسبة حجم جسم الذكر الى الانثى وحجم الانياب كمؤشرات رقمية على العدوانية بسبب ان الدراسات الميدانية للرئيسات استخدمت صفات متنوعة لتقييم العدوانية. وهو يقول انها ستكون بمثابة استخدام مجموعة حكام مختلفة لكل متنافس في لعبة محددة من الالعاب الاولمبية مثل الغوص او الرقص على الجليد.
وقد وجدت الدراسة ان طول الرجل ارتبط عكسيا مع كل من مؤشري العدوانية: الانواع الرئيسة التي يكون لها نسبة اختلاف اكبر بين وزن الذكر والانثى وطول اسنان الناب كان لها ارجل اقصر، ولهذا فانها اظهرت مواجهات اكثر بين الذكور.
غير انه لم يكن هناك ارتباط بين طول اليد ومؤشرات العدوانية. يقول كاريثر ان الايدي استخدمت للقتال لكنها "من اجل اغراض اخرى كذلك، كالتسلق وتناول الطعام والتبختر. لذلك فان طول اليد لا يتناسب مع العدوانية باي شكل مبسط".

التحري عن النتائجاجرى كارير تحليلات احصائية متنوعة للتحري عن النتائج. فقد قام اولا بتصحيح طول رجل كل نوع نسبة الى حجم اجسامها. الرئيسات ذوات حجم الجسم الاكبر تميل ارجلها الى تكون اقصر، باستثناء الانسان. وبدون اخذ ذلك في الحسبان فان مؤشرات الارتباط بين حجم الجسم والعدوانية ربما تكون كاذبة.
تحليل اخر صحح حقيقة ان انواع الرئيسات المختلفة ينتمي بعضها الى بعض. على سبيل المثال، اذا كان لثلاثة انواع ذات قرابة مباشرة جميعا ارجل قصيرة، فان ذلك قد يعود الى القرابة –بمعنى ان السلف المشترك كانت له ارجل قصيرة– وليس الى العدوانية. وحتى مع اجراء التصحيحات فان الارجل القصيرة كانت لازالت مرتبطة معنويا مع مؤشري العدوانية.
وقد وجدت الدراسة ان الاناث في كل من الانواع الرئيسة باستثناء الانسان لديها ارجل اطول نسبيا من الذكور. يقول كارير: "اذا كانت الذكور فقط بحاجة الى التكيف من اجل القتال فان من المتوقع ان تكون ارجلها اقصر نسبة الى حجم اجسامها".
وهو يلاحظ ان هناك شواذ لهذه القاعدة. فالبونوبو لديه ارجل اقصر من الشمبانزي، ومع ذلك فهو اقل عدوانية. يقول كارير ان الاتباط بين الارجل القصيرة والعدوانية قد لا يكون كاملا بسبب ان الارجل تستخدم لاغراض كثيرة اخرى فضلا عن القتال.
يقول كارير ان البشر "هم حالة خاصة"، فهم ليسوا اقل عدوانية لان ارجلهم اطول. هناك مرحلة فيزيائية انتقالية بين العدوانية والمشي والركض الاقتصاديين. فالاوسترالوبيثس القصير الجاثم كان قويا وبامكانه البقاء واقفا حينما يتعرض للدفع، لكان ارجله القصيرة جعلته عليلا بالنسبة للجري لمسافات طويلة. غير ان الانسان ذي الارجل الطويلة النحيلة تفوق في الجري. ومع ذلك فهو يتفوق في القتال ايضا. اوضح كارير، في دراسة نفذها عام 2004، ان الاوسترالوبيثس قد تطور الى الانسان البدائي ذي الارجل الرشيقة الطويلة فقط عندما تعلم صناعة اسلحة يستخدمها في القتال.
والان هو يجادل بانه حتى بعد تمكن الاسترالوبيثس من الانتصاب والمشي قائما على الارض، فان سبب محافظتها على الارجل القصيرة لمدة مليوني عام لم يكن لانها انفقت وقتا طويلا على الاشجار، وانما "لنفس السبب الانتقائي للارجل القصيرة للقرود العظيمة الاخرى: الصراع والعنف بين الذكور من اجل التزاوج مع الاناث الخصيبة النشطة". بكلمات اخرى، الارجل القصيرة زادت من احتمالات النصر في القتال للحصول على الاناث، الامر الذي يعني نقل صفاتها المورّثة الى الجيل الجديد.
يقول كارير: "ومع ذلك فاننا لا نعلم حقا الى أي مدى كان الاوسترالوبيثس عدوانيا. اذا كان اكثر عدوانية من البشر المعاصرين فانها كانت حيوانات بغيضة بشكل استثنائي".

لماذا علينا ان نهتم اذا كان الاوسترالوبيثس قصيرا وبغيضا؟يقول كارير: "مع اخذ السلوك العدواني للانسان المعاصر والقردة بنظر الاعتبار، يجب ان لا يفاجئنا العثور على ادلة احيائية على السلوك العدواني لاسلاف الانسان الحديث. ان هذا مهم جدا لان لدينا مشكلة حقيقة مع العنف في المجتمع الحديث. جزء من المشكلة اننا لا ندرك اننا حيوانات عنيفة نسبيا. الكثير من الناس يجادلون باننا لسنا عنيفين. اذا اردنا ان نمنع العنف في المستقبل، علينا ان نفهم لماذا نحن عنيفون".
وهو يضيف: "ان ماضينا التطوري ربما يساعدنا، الى حد ما، على فهم الظروف التي بمقتضاها ينتهج البشر سلوكا عدائيا. هناك عدد من الخطوط المستقلة لادلة تقترح ان الكثير من السلوك العدائي لدى الانسان يعود الى التنافس الذكري–الذكري، وهذه الدراسة متوافقة مع هذه الاراء".
غير ان كارير يقول ان التنافس الذكري لا يوضح بالكامل طبيعة العنف الانساني، ويلاحظ ان هناك عوامل اخرى مثل الصيد، والتنازع مع الانواع الاخرى، والدفاع عن المناطق والموارد الاخرى، واطعام وحماية الجيل الجديد.